اسمي الله (الغفور-الغفار) |
اسمي الله(الغفور- الغفار) معناه : هو الذي يستر الذنوب . ومعني الستر : لا يكشف ذنب العبد لخلقه، فليعجل العبد المذنب بالاستغفار ليستره الله تعالي في الدنيا والآخرة،وإذا قبل الله تعالي استغفار العبد ، عفا عنه وتجاوز عن عقوبته ، ويبدل سيئاته حسنات ، فمن أعظم منه سبحانه !ومن ثمرات الاستغفار الأخرى:جلب المنافع ودفع الضرر،وانشراح الصدر وذهاب الهم والحزن .
منهج دراسة اسمي الله (الغفور-الغفار):
١- الأدلة علي اسمي الله (الغفور-الغفار) .
٢- معني اسمي الله (الغفور-الغفار).
٣- وجوه اقتران اسمي الله (الغفور-الغفار) بأسمائه الأخرى .
٤- قواعد الأسماء والصفات في اسمي الله(الغفور-الغفار) .
٥- الآثار الايمانية للعبد من اسمي الله (الغفور-الغفار) .
أولا : الأدلة علي اسمي الله (الغفور-الغفار) .
١- الأدلة علي اسم الله (الغفور-الغفار) في القرآن :
أ- الأدلة علي اسم الله (الغفور) في القرآن :
ورد اسم الله (الغفور) في احدي وتسعون موضع في القرآن .
قول الله تعالي: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر: ٤٩].
ب- الأدلة علي اسم الله (الغفار) في القرآن :
ورد اسم الله (الغفار) في خمس مواضع
- قوله تَعَالَى: {وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر: ٥].
- قوله -عز وجل-: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [ص: ٦٦].
٢- الأدلة علي اسم الله (الغفور-الغفار) في السنة :
أ- الأدلة علي اسم الله (الغفور) في السنة :
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحيِمُ» (رواه البخاري في صحيحه ح٨٣٤).
٢- الأدلة علي اسم الله (الغفار) في السنة :
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» (رواه النسائي في الكبري ح١٠٦٣٤ وصححه الالباني في السلسلةالصحيحة ح٢٠٦٦).
ثانيا : معني اسمي الله (الغفور-الغفار) .
١- معني اسمي الله (الغفور-الغفار)
في اللغة :
الغفر : أصله الغين والفاء والراء ، وهو الستر والتغطية .
٢- معني اسمي الله (الغفور-الغفار) في حق الله تعالى :
يدور معنى اسمي الله (الغفور- الغفار) في حقه تَعَالَى ، حول ستر الذنوب .
ومعني الستر:لا يكشف أمر العبد لخلقه.
- الفرق بين اسم الله (الغفور) واسمه (الغفار)
الغفور : كثير الستر عن عباده المذنبين .
الغفار : هو المبالغ في الستر ، فيستر علي المذنب في الدنيا والآخرة .
وقيل :
الغفور : هو الذي يستر الذنوب العظيمة.
الغفار : هو الذي يستر الذنوب الكثيرة .
ثالثا : اقتران اسمي الله (الغفور-الغفار) بأسمائه الأخرى .
١- اقتران اسم الله (الغفور) بأسمائه الأخرى -
- اقتران اسمي الله (الغفور) باسم (الرحيم) :
اقترن اسم الله (الرحيم) باسمه «الغفور» في اثنين وسبعين موضعا من القرآن، منها قوله تَعَالَى : {إن ربي غفور رحيم} [يوسف: ٥٣]، وقوله تعالي : {وهو الرحيم الغفور} [سبأ: ٢].
وجه الاقتران :
أن مغفرته للعبد مع استحقاقه للعقوبة، إن هو إلا أثر من آثار رحمته تعالى .
أن في ذكرهما جمعا بين تخلية العبد من الذنوب التي يدل عليها اسم الله (الغفور)، وبين تحليته بفضل الله وثوابه التي يدل عليها اسم الله (الرحيم) .
وهو تعالي كامل في مغفرته وكامل في رحمته ، فهذا إضافة كمال الي كمال .
-- اقتران اسم الله (الغفور) باسم الله (العزيز) :
اقترن اسم الله (الغفور) باسم (العزيز) في موضعين من كتاب الله، ومن وروده ما يلي:
- قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور} [فاطر: ٢٨]،
- قوله تَعَالَى : {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}الملك٢ .
وجه الاقتران :
ان الله تعالي يستر علي العبد المذنب عن عزة وقدرة ، لا عن ضعف وعجز ، فهو تعالي كامل في عزته، وكامل في مغفرته ، فيكون إضافة كمال الي كمال .
-- اقتران اسم الله (الغفور) باسم الله (العفو)
ورد ذلك في القرآن الكريم أربع مرات، ومن ذلك: قوله سبحانه: {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا} [النساء: ٩٩].
وجه الاقتران :
ان الله تعالي يمحو السيئات ويتجاوز عن عقوبة العبد المذنب ، وكذلك يسترها عليه في الدنيا والآخرة ولا يفضحه .
العفو أبلغ من الغفور ، لأن الغفران ينبني عن الستر، والعفو ينبني عن المحو، والمحو أبلغ من الستر .
في العفو إسقاط للعقاب، وفي المغفرة ستر للذنب وصون من عذاب الخزي والفضيحة .
-- اقتران اسم الله (الغفور) باسم الله (الشكور):
ورد هذا الاقتران ثلاث مرات في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله -عز وجل-: {ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} [فاطر: ٣٠]، وقوله سبحانه: {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} [الشورى: ٢٣].
وجه الاقتران :
ان الله تعالي غفور لذنوب العباد وشكور لحسناتهم
، كما رواه الطبري في تفسيره عن قتاده (٤٦٤/٢٠) .
-- اقتران اسم الله (الغفور) باسم الله (الحليم) :
اقترن اسم الله الغفور باسمه الحليم في ست آيات من كتاب الله، من وروده :
قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} [البقرة: ٢٢٥]، وقوله: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: ١٥٥].
وجه الاقتران :
بالرغم من معصية العبد لربه سبحانه، فإنه تعالي لا يعجل العقاب له ، ولكن يتركه حتي يستغفر ، فإن استغفر ستره الله تعالي في الدنيا والآخرة .
-- اقتران اسم الله (الغفور) باسم الله (الودود):
ومن ذلك قوله تَعَالَى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: ١٢ - ١٤] .
وجه الاقتران :
ان الله تعالي يحب العباد ، فإذا أذنب ستره ولم يفضحه مع حبه سبحانه له .
العبد قد يستر لمن أساء إليه ، ولكن لا يحبه .
٢- اقتران اسم الله (الغفار) بأسمائه الأخرى .
لم يرد اقتران اسم الله (الغفار) بأسمائه الأخرى .
رابعا : قواعد الأسماء والصفات في اسمي الله(الغفور-الغفار) .
- نثبت اسمي الله (الغفور- الغفار)
- نشتق صفة المغفرة من اسمي الله (الغفور- الغفار) بدلالة التضمين .
وهي صفة ثبوتية فعلية متعدية .
فعلية : من حيث أن الله يستر علي العبد المذنب .
متعدية : أن الله يستر علي من يشاء من عباده .
- نشتق من اسمي الله (الغفور-الغفار) صفات بدلالة الالتزام وهي :
الخلق - القدرة - العزة - العلم - الحكمة- العفو .
- ويدل اسم الله (الغفور- الغفار) علي الأسماء الآتية :
الخالق - القادر - العزيز - العليم -الحكيم - العفو .
خامسا : الآثار الايمانية للعبد من اسمي (الغفور-الغفار)
١- اسراع العبد بالتوبة الي الله تعالي .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يجعله يسرع في التوبة الي الله تعالي ، ليستره سبحانه في الدنيا والآخرة ، لأن عدم اسراعه في التوبة قد يكشف الله تعالي عنه ستره في الدنيا .
وان الله تعالي وعد التوابين بتبديل سيئاتهم الي حسنات لقوله تعالى : {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠] .
٢-عدم يأس العبد من رحمة الله تعالى.
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يجعله لا ييأس من رحمة الله له ، فيتوب الي الله تعالي مهما كثرت ذنوبه ومهما بعد وقتها .
قال تَعَالَى : {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٣] .
٣- كل الذنوب تحت المشيئة ما عدا الشرك بالله .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، فعلم بذلك ان كل الذنوب تحت المشيئة في الآخرة، إن شاء الله غفر لأصحابها، وإن شاء عذبهم، إلا الشرك به سُبْحَانَهُ، فإنه لا يغفره، يقول تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] .
٤-دعاء العبد لله باسمي(الغفور-الغفار).
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يجعله يدعوه سبحانه بهذين الأسمين لطلب المغفرة والستر في الدنيا والآخرة .
٥- زيادة محبة العبد لله تعالي .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يزيد محبته لله تعالي ويزداد إيمانه .
٦- مغفرة العبد لمن أساء إليه .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، فيحاول الاتصاف بالمغفرة ، فيغفر لمن أساء إليه .
٧- قيام العبد بموجبات المغفرة .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، فيقوم بالأعمال التي توجب له المغفرة من اسباغ الوضوء ، وصلاة ركعتين بعد الوضوء ، والتأمين في الصلاة الجهرية مع الإمام ، والصلوات الخمس ، والجمعة للجمعة ، والعمرة للعمرة ، الذكر بعد الأذان ، والموت علي التوحيد ، اطاعة الله ، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيام الليل ، وصيام رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا ، وقيام ليلة القدر ، والصدقة ، والحج المبرور ، وذكر (سبحان الله وبحمده) ، والصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعيادة المريض ، وكفارة المجلس .
٨-انشراح صدر العبد وذهاب همه وحزنه
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يشرح صدره ويذهب عنه الهم والحزن .
٩- ثقة العبد في جلب النعم له عند الاستغفار .
علم العبد بمعني اسمي (الغفور-الغفار) ، يثق في جلب النعم عامة، لقول تَعَالَى على لسان نوح -عليه السلام-: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (نوح ٩-١٢).
١٠- الاستعانة والاستغاذة والرجاء والتوسل بالله تعالي عند الابتلاء .
علم العبد بمعني اسمي الله (الغفور-الغفار) ،فيعلم بأنه إذا أبتلي جعل الاستعانة والاستغاذة والرجاء والتوسل والدعاء لله تعالي وحده .
سنتناول في المقال القادم ان شاء الله تعالي دراسة اسم الله (القهار) .
تعليقات
إرسال تعليق
سعداء بتعليقاتكم